لإيلاف قريش
سورة قريش 4 آيات مكية .
« بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » سورة قريش الآيات 1 إلى 4 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لإِيلافِ قُرَيْشٍ ( 1 ) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ ( 2 ) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ( 3 ) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ( 4 )
الإعراب :
من جعل هذه السورة وسورة الفيل واحدة قال : لإيلاف قريش يتعلق بقوله تعالى : « فجعلهم » ، في آخر السورة السابقة أي ان اللَّه أهلك أصحاب الفيل لتطمئن قريش في بلدها ، ومن جعلها سورة مستقلة قال : لإيلاف قريش يتعلق بفليعبدوا ، أو بمحذوف أي اعجبوا لإيلاف قريش . وإيلافهم بدل من إيلاف قريش . ورحلة مفعول إيلافهم . فليعبدوا مجزوم بلام الأمر . والذي أطعمهم صفة لرب هذا البيت .
المعنى :
اختلفوا : هل هذه السورة مستقلة عن سورة الفيل ، أو هما سورة واحدة ؟
قال الحافظ محمد بن احمد الكلبي في تفسير التسهيل : « ويؤيد القول بأنهما سورة واحدة انهما في مصحف أبي بن كعب كذلك لا فصل بينهما ، وقد قرأهما عمر في ركعة واحدة من المغرب » . ويتفق هذا مع قول الشيعة الإمامية ، وقال صاحب الظلال : « هذه السورة تبدو امتدادا لسورة الفيل قبلها من ناحية موضوعها وجوّها » .
( لإِيلافِ قُرَيْشٍ ) . الإيلاف هو الإيناس ضد الايحاش ، وقريش اسم لقبائل عربية من ولد النضر بن كنانة ، وفي بعض التفاسير : إن قريشا تصغير قرش ، وهي التجارة ، سمّوا بذلك لأنهم كانوا يتجرون ، ويومئ إلى ذلك قوله تعالى :
( إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ ) . كان سكان مكة في القرن السادس للمسيح ثلاث فئات : الأولى قريش ، ولها كل الحقوق . الثانية حلفاء قريش وهم أناس من العرب . الثالثة العبيد الذين لا يملكون شيئا حتى أنفسهم ، وكان لقريش رحلتان للتجارة : إحداهما إلى اليمن في الشتاء ، والثانية إلى الشام في الصيف ، وكانوا يذهبون في تجارتهم آمنين ، ويعودون سالمين لا يمسهم أحد بأذى لأنهم سكان مكة وجيران بيت اللَّه الحرام كما قال المفسرون ، أو كما نظن نحن
العرب لا غنى لهم عن الحج إلى مكة ، فإذا تعرضوا لقوافل قريش اقتصوا منهم حين يحجون إلى بلدهم .
ويقول الرواة : أن محمدا ( ص ) ذهب ذات عام مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام ، وكان في الثانية عشرة من عمره الشريف ، وان عمه لم يكد يبلغ مشارف الشام حتى عاد به مسرعا إلى مكة ، لأن راهبا من رهبان النصارى أوصاه بأن يحرزه في مكة من مكر اليهود والنصارى . . وأيضا قال الرواة : ان محمدا ( ص ) خرج مع عمه الزبير إلى اليمن في رحلة الشتاء ، وكان قد جاوز العشرين بقليل . .
كان هذا قبل أن يخرج إلى الشام بمال خديجة .
لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ) الضمير يعود إلى قريش ، يأمرهم اللَّه سبحانه بترك الأصنام وعبادة الواحد الأحد ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) .
يذكّر سبحانه بهذه الآية طغاة قريش الذين عبدوا الأصنام من دون اللَّه ، وكذبوا نبيه الكريم محمدا ، يذكرهم بحادث الفيل كيف أنجاهم من أبرهة وجيشه ولو لا فضله تعالى لكانوا هم العصف المأكول دون أصحاب الفيل . وأيضا يذكرهم تعالى بما أنعم عليهم من الرزق بسبب الرحلتين ولولاهما لهلكوا جوعا لأنهم بواد غير ذي زرع ، وفوق ذلك كله جعلهم آمنين مطمئنين على أموالهم وأرواحهم في حلهم وتر حالهم ، ولو لا فضله عز وجلّ لتخطَّفهم الناس من كل مكان . . أبعد هذا كله يعبدون الأصنام ويكفرون بأنعم اللَّه ويتوسلون بسواه ، ويكذبون رسوله العظيم ؟ حقا إن الإنسان لظلوم كفار.....
المصدر: المركز الشيعي للمقالات
تفسير الكاشف